ميزان الناس

الحمد لله الذي أوجب الفوز بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادة لم يبغ لها عوجا، وفاوت بين عباده في منازل العبودية من الإنابة والمحبة والخوف والرجاء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من أصبح قلبه بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته مبتهجًا. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله هدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان.

أما بعد عباد الله: إذا أراد المسلم أن يُقَيِّمَ نفسه ويزنها، ويعرف خسرانها من ربحها، ويطمئن عليها في سيرها إلى ربها، فليعرضها على القرآن الكريم، قال ابن مسعود رضي الله عنه: لا يسأل أحدٌ عن نفسه غير القرآن. وهذه يا عباد الله آية منه، وهي قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32] .

جعل سبحانه القائمين بهذا القرآن علمًا وعملاً ثلاثة أنواع: «ظالم لنفسه» وهو المفرط في بعض الواجبات، أو المرتكب لبعض المحرمات.

الثاني: «المقتصد» وهو المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015