الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستعينه ...
أما بعد: عباد الله مبادرة الإنسان بالتوبة في حال صحته قبل نزول المرض به هي أفضل أنواع التوبة، حتى يتمكن حينئذ من العمل الصالح، ولذلك قرن الله التوبة بالعمل الصالح في مواضع كثيرة من القرآن. فالتوبة في الصحة ورجاء الحياة تشبه الصدقة بالمال في الصحة ورجاء البقاء. والتوبة في المرض عند حضور أمارات الموت تشبه الصدقة بالمال عند الموت. خرج ابن ماجه من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب فقال في خطبته: «أيها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا» فأمر بالمباردة قبل الموت، وكل ساعة تمر على ابن آدم فإنه يمكن أن تكون ساعة موته، بل كل نَفَس. وقال لقمان لابنه: يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة. وقال بعض الحكماء: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل. وقال بعض السلف: أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين. فمن أصبح أو أمسى على غير توبة فهو على خطر؛ لأنه يُخْشى أن يلقى الله غير تائب فيحشر في زمرة الظالمين، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحُجرَات: 11] تأخير التوبة في حال الشباب قبيح، ففي حال المشيب أقبح وأقبح. قال عمر بن هانئ: تقول التوبة للشاب: أهلاً ومرحبًا. وتقول للشيخ: نقبلك على ما كان منك. فاختموا عباد الله أعمالكم اليومية بالتوبة والاستغفار، فإن كان العمل سيئًا كان كفارة له، وإن كان حسنًا كان كالطابع عليه (?) . إن أحسن الحديث ...