وفساده، وتمحق بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم، وبركة العمل، وبركة الطاعة، وهي سبب لهوان العبد على الله وسقوطه من عينه، وتطفئ نار الغيرة والحياء، وتسلط الأعداء. قال بختنصر لدانيال: ما الذي سلطني على قومك؟ قال: عظم خطيئتك، وظلم قومي أنفسهم. ومنها: أن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه وتصغر في قلبه، قال بعض السلف: المعاصي بريد الكفر، كما أن القبلة بريد الجماع، والغناء بريد الزنا، والنظر بريد العشق، والمرض بريد الموت.
ومن عقوباتها أنها تجرٍّئ على العبد أهله وخدمه وجيرانه حتى الحيوان البهيم، قال بعض السلف: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق امرأتي ودابتي. وتجرؤ عليه نفسه فتستأسد عليه وتصعب عليه فلو أرادها لخير لم تطاوعه ولم تنقد له، بل تسوقه إلى ما فيه هلاكه شاء أم أبى، وتباعد عنه الملك الموكل به الذي هو وليه وأنصح الخلق له، وتدني منه عدوه وأغش الخلق وأعظمهم ضررًا له وهو الشيطان؛ فإن العبد إذا عصى الله تباعد عنه الملك بقدر تلك المعصية، حتى إنه يتباعد بالكذبة الواحدة مسافة ميل من نتن ريحه كما جاء ذلك في بعض الآثار، فكيف بما هو أكبر من ذلك وأفحش. وقال بعض السلف: إذا ركب الذكر الذكر عجت الأرض إلى الله، وهربت الملائكة إلى ربها، وشكت إليه عظم ما رأت. وقال بعض السلف: إذا أصبح ابن آدم ابتدره الملك والشيطان، فإن ذكر الله وكبره وحمده وهلله طرد الملك الشيطان وتولاه، وإن افتتح بغير ذلك ذهب الملك عنه وتولاه الشيطان.