فيها رزقه، وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجيء الموت فيأخذ بعنقه، يا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدنيا بدنيء الدين مع سلامة الدنيا» .
فأوصيكم وإياي بتقوى الله تعالى، والتقوى امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، والاعتبار بما ضرب الرسول من الأمثال لزهرة الحياة الدنيا، وأصحبوا الغنى بالشكر. والشكر: هو الاعتراف بالنعم باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وصرفها في طاعة مسديها. وأعظم الشكر أداء فرائض الإسلام وبعد ذلك نوافل الإسلام لمن قدر عليها أو بعضها. واعلموا أن الثروة أخطر من الفقر، ولذلك خافها النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته ولم يخف عليهم من الفقر، واستعاذ من فتنتهما جميعًا. وقال بعض السلف: ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر. واعتبروا بالبهيمة التي ضربها الرسول مثلاً في حسن تصرفها في معيشتها، ونفعها لنفسها، ودفعها الضرر عنها. هذا وهي ممن يسبح الله ويحمده {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسرَاء: 44] .
اللهم اجعلنا جميعًا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ} [آل عِمرَان: 14] بارك الله ...