خرج ويخرج من بركات الأرض وكنوزها، وهذا من أعظم معجزات نبينا - صلى الله عليه وسلم - الدالة على أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًا- فقد وقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من فتح زهرة الدنيا على أمته، وشبهها بالزهر في طيب رائحته، وحسن منظره، وقلة بقائه، وأن وراءه ثمرًا خيرًا منه وأبقى منه.
وقوله: «إن ما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا أو يلم» من أحسن التمثيل المتضمن للتحذير من الدنيا والإنهماك عليها والمسرة فيها وذلك أن الدابة يروقها نبت الربيع فتأكله بأعينها، فربما هلكت حبطًا. والحبط انتفاخ بطن الدابة من الامتلاء. وقوله: «أو يلم» أي يقارب القتل وهو المرض.
وقوله: «إلا آكلة الخضر» تمثيل بالإبل والبقرة الآكلة من العشب بقدر حاجتها، فهي لما أخذت حاجتها من المرعى تركته، وأعرضت عما يضرها من الشره في المرعى، وأقبلت على ما ينفعها من استقبال الشمس التي يحصل لها بحرارتها انضاج ما أكلته وإخراجه. ثم إنها استفرغت بالبول والثلط (?) ما جمعته من المرعى في بطنها فاستراحت بإخراجه ولو بقي فيها لقتلها.
وفي رواية لمسلم فقال: «أخير هو؟» وفيها دليل على أن المال ليس بخير على الإطلاق؛ بل منه خير، ومنه شر. فالمال في حق الأول خير، وفي حق الثاني شر.
فأول الحديث مثل للشَّرِهِ في جمع الدنيا الحريص على
تحصيلها يجمع الدنيا من غير حلها، ويحبسها أو يصرفها في غير