ما بركات الأرض؟ قال: زهرة الدنيا» . فقال له رجل: هل يأتي الخير بالشر. فصمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننت أنه سينزل عليه، ثم جعل يمسح عن جبينه، قال: «أين السائل؟» قال: أنا. ثم قال: «كيف قلت؟» قال: يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الخير لا يأتي إلا بالخير، إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا أو يلم إلا آكلة الخضر (?) أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فاجترت وثلطت وبالت، ثم عادت فأكملت. وإن هذا المال خضرة حلوة (?) من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو. وإن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع» .
عباد الله هذا الحديث هو الحَكَمُ فيما يختلف فيه الناس من أمر المال- فالناس منهم من يمدح المال والثراء ويتمناه، ويسعى إليه جهده بالطرق الحلال. ومنهم من يتجاوز ذلك ويطلبه حتى بالطرق الحرام، ويستوعب عمره ووقته، ويصده عن طاعة مولاه، والسعي لرضاه. ومن الناس من يذم الثراء ولا يهتم به ويزهد فيه. ومن الناس من رضي بما قسم الله له من فقر أو غنى، وتخوف من زهرة الدنيا.
فهذا الحديث الشريف فيه تخوف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته من فتح الدنيا عليهم- خاف عليهم الافتتان بها، وفسر «بركات الأرض» بزهرة الدنيا- ومراده ما يفتح على أمته منها من ملك فارس والروم وغيرهم من الكفار الذين ورثت هذه الأمة ديارهم وأموالهم وأراضيهم وزروعهم وثمارهم وأنهارهم ومعادنهم وغير ذلك مما