هذا العرش العظيم الذي هو أعلا المخلوقات خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى عظمة الله وكبريائه، كما في الحديث الذي رواه أبو داود، عن جبير بن مطعم قال: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعرابي فقال: يا رسول الله: جهدت الأنفس، وجاع العيال، وذكر الحديث إلى أن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله على عرشه، وإن عرشه على سمواته لهكذا، وقال بأصابعه مثل القبة» . وروي عن ابن عباس قال: ما السموات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.
وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السموات على أصبع، والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع، والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعَام: 91] الآية. المعنى ما عظم المشركون الله حق عظمته حين عبدوا معه غيره ونسبوا له الصاحبة والولد، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، القادر على كل شيء، وكل شيء تحت قهره وقدرته.
ومن عظمته سبحانه أن الخلق كلهم يرونه من غير خفاء ولا ازدحام، روى أبو داود في سننه، عن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله: أكلنا يرى ربه مخليًا به يوم القيمة، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: «يا أبا رزين: أليس كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليًا به؟» قال: بلى. قال: «فإنما هو خلق من خلق الله، فالله أجل وأعظم» .