حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى داره، فألقيت له وسادة فجلس عليها، وجلست بين يديه. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما يفرك أن تقول: لا إله إلا الله- أي ما يحملك على الفرار إلا التوحيد- فهل تعلم من إله سوى الله؟ قال: قلت: لا. ثم تكلم ساعة، ثم قال: يا عدي ما يفرك، أيفرك أن يقال: الله أكبر، فهل تعلم شيئًا أكبر من الله؟ قال: قلت: لا. قال: فإن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضُلاّل. قال: قلت: فإني حنيف مسلم. قال فرأيت وجهه ينبسط فرحا» ففي هذا الحديث- يا عباد الله- أعظم دلالة على عظمة الله تبارك وتعالى، وأنه أكبر من كل شيء: ذاتًا، وصفة، وأفعالاً (?) .
والعالم العلوي والسفلي بالنسبة إلى الخالق سبحانه في غاية الصغر، كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزُّمَر: 67] فالأرض، والسماء الدنيا فوقها محيطة بها من كل جانب، وكذا الباقي، والكرسي فوق السموات كلها بين يدي العرش، ونسبة السموات وما فيها إلى الكرسي كحلقة في فلاة، والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة، والعرش فوق جميع المخلوقات مقبب له قوائم وهو سقف الجنة، وتحته بحر.