فكل منهم يخلو به كما يخلو الرجل بالقمر ليلة البدر، فيقرره بذنوبه.
ومن عظمته سبحانه أنه لما تجلى منه ما تجلى للجبل ساخ الجبل في الأرض وتدكدك لعظمة ما رأى، واستغفر موسى من ذلك السؤال، وسبح ربه تبارك وتعالى. والجبل أكبر من موسى وأعظم خلقًا.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما تجلى منه للجبل إلا قدر الخنصر فجعل الجبل ترابًا. قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعرَاف: 143] .
وفي الحديث الذي رواه البخاري: «حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» . فإذا كانت سبحات وجهه- وهي جلاله ونوره- لا يقوم لها شيء من خلقه، فما الظن بجلال ذلك الوجه الكريم وعظمته وكبريائه وكماله وجلاله وجماله.
وفي حديث حذيفة في رؤية المؤمنين ربهم في الجنة: «فيكشف الله الحجب فيتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لولا أن الله قضى أن لا يموتون لاحترقوا» (?) .