شعرة شهوة سرى غسل الجنابة إلى حيث سرت الشهوة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن تحت كل شعرة جنابة» فأمر أن يوصل الماء إلى أصل كل شعرة، فيبرد حرارة الشهوة، فتسكن النفس، وتطمئن إلى ذكر الله وتلاوة كلامه والوقوف بين يديه. ولو لم يكن فيه من المصلحة والحكمة إلا أن المتوضأ يطهر يديه بالماء وقلبه بالتوبة ليستعد للدخول على ربه ومناجاته والوقوف بين يديه طاهر البدن والثوب والقلب.
ثم لما كان العبد خارج الصلاة مهملاً جوارحه قد أسأمها في مراتع الشهوات والحظوظ- لما كان هذا طبعه وذاته- أمر أن يجدد هذا الركوع إليه والإقبال عليه وقتًا بعد وقت، لئلا يطول عليه الأمد فينسى ربه، وينقطع عنه بالكلية، وكانت الصلاة من أعظم نعم الله عليه، وأفضل هداياه التي ساقها إليه، فاحمدوه تعالى على ذلك {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النُّور: 56] (?) . إن أحسن الحديث كتاب الله....