الإنسان وهي هيئة القيام، ولما كان أفضل أركانها الفعلية السجود شرع فيها بوصف التكرار.
وشرع له بين هذين الخضوعين أن يجلس جلسة العبيد، ويسأل ربه أن يغفر له ويرحمه ويرزقه ويهديه ويعافيه، وهذه الدعوات تجمع له خير دنياه وآخرته. ثم شرع له تكرار هذه الركعة مرة بعد مرة، كما شرع تكرار الأذكار والدعوات مرة بعد مرة، ليستعد بالأول لتكميل ما بعده، ويجبر بما بعده ما قبله؛ وليشبع القلب من هذا الغذاء، وليأخذ زاده ونصيبه من هذا الدواء، ليقاوم ما يعرض له من الأدواء.
ثم لما أكمل صلاته شرع له أن يقعد قعدة العبد الذليل المسكين لسيده، ويثني عليه بأفضل التحيات، ويسلم على من جاء بهذا الحظ الجزيل ومن نالته الأمة على يديه، ثم يسلم على نفسه وعلى سائر عباد الله المشاركين له في هذه العبودية، ثم يتشهد شهادة الحق، ثم يعود فيصلي على من علَّم الأمة هذا الخير ودلهم عليه، ثم شرع له أن يسأل حوائجه ويدعو بما أحب ما دام بين يدي ربه مقبلاً عليه. فإذا قضى ذلك أذن له في الخروج منها بالتسليم على المشاركين في الصلاة.
فاتقوا الله عباد الله وتفهموا دائمًا المقصود من الصلاة، وما شرع فيها من إحضار القلوب واستحضار معاني ومقاصد القراءة والأذكار والحركات.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132] .