أعلنته، وإن رأيت بهما شرًا سترته. قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت بهما خيرًا وعيته، وإن سمعت بهما شرًا دفعته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًا لله هو فيهما. قال: فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا، وأعلاه علمًا. قال: فما شكر الفرج؟ قال: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5- 7] قال: فما شكر الرجلين؟ قال: إن علمت ميتًا تغبطه استعملت بهما عمله، وإن مقته رغبت عن عمله وأنت تشكر الله.
والرب تعالى يحمد على إعطاء هذه الحواس وهذه الجوارح من السمع والبصر واليدين والرجلين وإن قل ما في يد صاحبها من المال فهو غني بها. قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: إن رجلاً بسط له من الدنيا فانتزع ما في يده فجعل يحمد الله ويثني عليه حتى لم يكن له فراش إلا بارية. وبسط لآخر من الدنيا فقال لصاحب البارية: أرأيتك أنت على ما تحمد الله؟ قال: أحمده على ما أعطيت به ما أَعْطَى الخلقُ لم أعطهم إياه. قال: وما ذاك؟ قال: أرأيت بصرك؟ أرأيت لسانك؟ أرأيت يديك؟ أرأيت رجليك؟
وجاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذه مائة ألف درهم؟ قال: الرجل: لا. قال فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فذكره نعم الله عليه. فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة؟!
وقد يزوي الله بعض الدنيا عن عبده ويكون ذلك نعمة. قال