ومن الشكر أن تظهر على المرء آثار النعمة، فالله يحب من عبده أن يرى أثر نعمته عليه، فإن ذلك شكرها بلسان الحال، وفي صحيفة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلوا، واشربوا، وتصدقوا في غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» .
والشكر يكون على المحاب: من الأكل، والشرب، والكساء، والهداية، وغير ذلك، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - مواطن الشكر ومناسباته، فمنها ما روى سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «دعا رجل من الأنصار من أهل قبا النبي - صلى الله عليه وسلم - فانطلقنا معه، فلما طعم وغسل يديه قال: الحمد لله الذي يُطعم ولا يُطْعَم، من علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكل بلاء حسن أبلانا. الحمد لله غير مودع ربي ولا مكافأٍ ولا مكفور ولا مستغنى عنه. الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسى من العري، وهدى من الضلالة، وبصر من العمى، وفضل على كثير ممن خلق تفضيلا. الحمد لله رب العالمين» وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها» فكان هذا الجزاء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء (الرضوان) في مقابلة شكره بالحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: «ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل ولا مال ولا ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفة دون الموت» وكان - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أخبر بأمر يسره خر ساجدًا لله - عز وجل -» .
وعلى كل حاسة وجارحة شكر ما أعطيت من النعم قيل لأبي حازم: ما شكر العينين يا أبا حازم؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا