مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 120، 121] فأخبر أنه {أُمَّةً} [البَقَرَة: 120] أي قدوة يؤتم به في الخير، وأنه {قَانِتًا لِلَّهِ} [البَقَرَة 120] والقانت هو المطيع المقيم على طاعته. والحنيف هو المقبل على الله المعرض عما سواه. ثم ختم له بهذه الصفات بأنه {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ} فجعل الشكر غاية خليله.
والشكر: هو الاعتراف بالنعم باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وصرفها فيما يحب مسديها وموليها (?) روى الترمذي من حديث القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أنعم الله على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها، وما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر الله له قبل أن يستغفره، وإن الرجل يشتري الثوب بالدينار ليلبسه فيحمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له» . وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وبدنًا على البلاء صابرًا، وزوجة لا تبغيه خونًا في نفسها ولا في ماله» ، وروى الإمام أحمد بإسناده عن ثابت، قال: كان داود - عليه السلام - قد جزأ ساعات الليل والنهار على أهله، فلم يكن ساعة من ليل أو نهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي فيها، قال: فعمهم الله تبارك وتعالى في هذه الآية: {اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سَبَأ: 13] .