وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها، وبعضها يؤذي من لا يؤذيها، وبعضها حقود لا ينسى الإساءة، وبعضها لا يذكرها البتة. وبعضها لا يغضب، وبعضها يشتد غضبه فلا يزال يسترضى حتى يرضى. وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك البتة. وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه، وبعضها الحسن والقبيح منه سواء. وبعضها يقبل التعليم بسرعة، وبعضها مع الطول، وبعضها لا يقبل ذلك بحال.

وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه، وعلى إتقان صنعته، وعجيب تدبيره، ولطيف حكمته، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف وغوامض الحيل وحسن التدبير والتأني لما تريده ما يستنطق الأفواه بالتسبيح ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته سبحانه، وما يعلم كل عاقل أنه لم يخلق عبثًا ولم يترك سدى (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015