كيف لا يُحَبُّ الله
الأسباب الجالبة لمحبته، وعلامات صدقها
الحمد لله الذي نصب طاعته والخضوع له على صدق محبته دليلا، وفَضَّل أهل محبته ومحبة كتابه ورسوله على سائر المحبين تفضيلا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مقر بربوبيته، شاهد بوحدانيته، منقاد إليه لمحبته، مذعن له بطاعته، معترف بنعمته، فارٍّ إليه من ذنبه وخطيئته، لا يبتغي سواه ربا، ولا يتخذ من دونه وليًا ولا وكيلا. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، أحبهم إليه، وأكرمهم عليه. فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وجميع عباده المؤمنين عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
أما بعد: فروى الترمذي وحسنه عن ابن عباس مرفوعًا: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة» .
والمحبة يا عباد الله تنشأ من الإحسان ومطالعة الآلاء والنعم؛ فإن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، ولا أحد أعظم إحسانًا من الله سبحانه، فإن إحسانه على عبده في كل نفس ولحظة، وهو يتقلب في إحسانه في جميع أحواله، ولا سبيل له إلى ضبط أجناس هذا الإحسان، فضلاً عن أنواع أو أفراده. ويكفي