8 - وقيل من حذف الوصوف وإقامة الصفة مقامه أي: إن رحمة اللَّه شيء قريب أو لطيف أو بر أو إحسان. (?)
الوجه الثالث: لفظ (قريب) يستخدم لمعنيين: قرابلأ النسب، وقرابة المكان.
فإذا استخدم لقرابة المكان كان التذكير والتأنيث فيه سواء، قوله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}.
قال الفراء: ذُكِّرَت (قريب) لأنه ليس بقرابة في النَّسَب، قال: ورأيت العرب تؤنث القريبة في النسب لا يختلفون فيها، فإذا قالوا: دارك منّا قريب، أو فلانة منك قريب في القرب والبعد ذكَّروا وأنَّثوا، وذلك أن القريب في المعنى وإن كان مرفوعا فكأنه في تأويل: هي من مكان قريب. فجعل القريب خَلَفا من المكان؛ كما قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} وقال: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} ولو أَنَّث ذلك فبنى على بَعُدَتْ منك فهي بعيدة، وقَرُبت فهي قريبة كان صوابًا حسنًا، وقال عروة:
عشِيَّةَ لا عفراءُ مِنك قرِيبة ... فتدنو ولا عفراء مِنك بعِيد. (?)