لعيسى حين قال: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ}؟ أي: معيني في الدعوة إلى الله - عز وجل -: {قَال الْحَوَارِيُّونَ}.
وهم أتباع عيسى - عليه السلام -: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} أي: نحن أنصارك على ما أرسلت به ومُوَازروك على ذلك؛ ولهذا بعثهم دعاةً إلى الناس في بلاد الشام في الإسرائيليين واليونانيين. وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في أيام الحج: "من رجل يُؤويني حتى أبلغ رسالة ربي، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي" حتى قيَّض الله - عز وجل - له الأوس والخزرج من أهل المدينة، فبايعوه ووازروه، وشارطوه أن يمنعوه من الأسود والأحمر إن هو هاجر إليهم، فلما هاجر إليهم بمن معه من أصحابه وَفَوا له بما عاهدوا الله عليه؛ ولهذا سماهم الله ورسوله: الأنصار، وصار ذلك عَلَمَا عليهم - رضي الله عنهم -، وأرضاهم (?).
الشبهة التاسعة: الرد على تأويلهم لقول الله تعالى.
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (البقرة: 2 - 5)، حيث قالوا: فمعنى بالكتاب: الإنجيل، والذين يؤمنون بالغيب نحن النصارى الذين آمنا بالمسيح وما رأيناه، ثم أتبع بالقول "والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك" فأعني بهم المسلمين الذين آمنوا بما أتى به وما أتى من قبله.
والجواب عليه من هذه الوجوه:
الوجه الأول: هذا التأويل من تحريف الكلم عن مواضعه وتبديل كلام الله - عز وجل -.
وأما تأويلهم قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} إنه الإنجيل، {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} عنى بهم النصارى، فهو من تحريف الكلم عن مواضعه وتبديل كلام الله؛ كما فعلوه في قوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} (آل عمران: 85)، وفي قوله: {بِإِذْنِي} أي باللاهوت، وفي قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)}، وفي غير ذلك مما ذكروه وتأولوه من القرآن على غير