الشبهة الثامنة: يقولون: بأن القرآن شهد لهم أنهم أنصار الله.

حيث يقول كما قال عيسى ابن مريم: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَال الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (الصف: 14).

والجواب عليه من هذه الوجوه:

الوجة الأول: الحواريون مؤمنون مسلمون، لكن ليس في هذا أنهم رسل الله.

فيقال هذا حق، والحواريون مؤمنون مسلمون وهم أنصار الله لكن ليس في هذا أنهم رسل الله، ولا في هذا أن كل ما أنتم عليه من الدين مأخوذ عنهم، ولا في هذا أن الواحد من الحواريين معصوم من الغلط؛ بل أمر الله المؤمنين من أمة محمد أن يكونوا أنصار الله كما طلب المسيح ذلك بقوله: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} (?).

الوجه الثاني: أن هذا الوصف ليس خاصًّا بهم.

فقد وصف الله المؤمنين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل المدينة النبوية بأنهم أنصار الله بقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (التوبة: 100)، والمهاجرون أفضل من الأنصار، وهم أيضًا من أنصار الله نصروه كما نصره الأنصار لكن لما كان لهم اسم يخصهم وهو المهاجرون وهو أفضل الاسمين خص الأنصار بهذا الاسم. والمهاجرون والأنصار أفضل ممن آمن بموسى ومن آمن بعيسى عند المسلمين ومع هذا فليس فيهم عندهم نبي ولا رسول لله ولكن فيهم رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسليمًا (?).

كذلك فإن أول الآية يرد عليهم، فإن الله سبحانه وتعالى أمر عباده أن يكونوا أنصارًا له.

قال ابن كثير: يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين أن يكونوا أنصار الله في جميع أحوالهم، بأقوالهم وأفعالهم وأنفسهم وأموالهم، وأن يستجيبوا لله ولرسوله، كما استجاب الحواريون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015