فطرتك السليمة، التي فطر اللَّه الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره (?).
ثم قال في قوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} معناه: أنه تعالى ساوى بين خلقه، كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة، لا يولد أحد إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك، ولهذا قال ابن عباس، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، وابن زيد في قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} أي: لدين اللَّه. (?)
وقال البخاري: باب: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}: لدين اللَّه، {خُلُقُ الْأَوَّلِينَ}: دين الأولين والفطرة: الإسلام. (?)
وأهل التأويل قد أجمعوا في تأويل قوله -عزَّ وجلَّ-: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} على أن قالوا: فطرة اللَّه دين الإِسلام، واحتجوا بقول أبي هريرة في هذا الحديث: "اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} " (?).
ومن هذا يتضح أن أي مولود يولد فإنما يولد على الفطرة، وهو دين رب العالمين، دين الإِسلام، فلا سبيل للطعن بأنّه من غير اختياره لأن هذا هو الفطرة، وكل ما دون هذه الفطرة فهو منتكس، ليس له حظ في هذا الأمر العظيم، فإرادته هي فطرته، وغير ذلك فهو تبديل وتغيير لهذه الفطرة.
وإذا نظرنا في دين النصارى؛ سنجد هذا التغيير واضحًا جليًّا بما يسمونه بالمعمودية، وهم يوجبون تعميد الأطفال، وذلك على حد قولهم أنها ضرورية للخلاص طبقًا لوضع