وقال النووي: وقيل معناه كل مولود يولد على معرفة اللَّه والإقرار به، فليس أحد يولد إلا وهو يقر بأن له صانعًا، وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره والأصح أن معناه أن كل مولود يولد متهيئًا للإسلام، فمن كان أبواه أو أحدهما مسلمًا؛ استمر على الإِسلام في أحكام الآخرة والدنيا، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا وهذا معنى (يهودانه وينصرانه ويمجسانه) أي يحكم له بحكمهما في الدنيا، فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما، فإن كانت سبقت له سعادة أسلم، وإلا مات على كفره (?).
وأيضًا يهودانه: أي يهودان المولود بعد أن خلق على الفطرة تشبهًا بالبهيمة التي جُدعت بعد أن خلقت سليمة (?).
وقيل: معناه (أي الحديث) أن كل مولود يولد في مبدأ الخلقة على الفطرة؛ أي الجبلة السليمة، والطبع المتهيئ لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها لأن هذا الدين موجود حسنه في العقول، وإنما يعدل عنه من يعدل إلى غيره لآفة من آفات النشوء والتقليد، فلو سلم من تلك الآفات لم يعتقد غيره. . .، ثم يتمثل بأولاد اليهود والنصارى واتباعهم لآبائهم، والميل إلى أديانهم فيزلون بذلك عن الفطرة السليمة والمحجة المستقيمة (?).
وقال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)} (الروم: 30).
يقول ابن كثير: يقول تعالى: فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه اللَّه لك من الحنيفية ملة إبراهيم، التي هداك اللَّه لها، وكملها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازم