وأما قوله لعمار: (يا عاضّ إير أبيه)، فقد ذكره البلاذري في نفس الباب ضمن قصة ذكرها من غير إسناد مصدرًا لها.
وقد روي أيضًا أنه لما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة، قال: فقال عمار بن ياسر: نعم، فرحمه الله من كل أنفسنا، فقال عثمان: يا عاضَّ إير أبيه، أتراني ندمت على تسييره؟ وأمر فدفع في قفاه وقال: الحق بمكانه، فلما تهيأ للخروج جاءت بنو مخزوم إلى عليّ فسألوه أن يكلم عثمان فيه فقال له علي: يا عثمان اتق الله، فإنك سيرت رجلًا صالحًا من المسلمين فهلك في تسييرك، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره، وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان: أنت أحق بالنفي منه، فقال علي: رُم ذلك إن شئت، واجتمع المهاجرون فقالوا: إن كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته فإن هذا شيء لا يسوغ، فكف عن عمار. (?)
والجواب عن هذا أنه كلام باطل لا إسناد له.
ومن جهة أخرى لا توجد رواية صحيحة تدل على أن عثمان - رضي الله عنه - ضرب عمارًا - رضي الله عنه -، ولا تدل على أن الخوارج سوغوا خروجهم على عثمان بأنه ضرب عمارًا، وإذا ثبت بطلان الضرب، فما بني على باطل فهو باطل.
ثانيا: شبهتهم على النصف الأول من خلافة عثمان - رضي الله عنه -.
قالوا: إن عثمان بدأ خلافته بخطأ عظيم لم تغفره له الجماعة المسلمة؛ وهو تعطيل إقامة الحد على عبيد الله بن عمر الذي قتل الهرمزان، وابنة أبي لؤلؤة، وجفينة، ولقد كثر الصخب جدًّا في الجماعة الإسلامية بسبب هذا الأمر، ولم نعلم لعائشة أي اعتراض ولا دعوة للثورة فكيف يوجه هذا مع ثورتها بعد ذلك؟ ! .
والجوب على ذلك من وجوه: 1 - إن تعطيل إقامة الحد على عبيد الله بن عمر كسبب من أسباب الشغب والخروج على عثمان لا إسناد له، وأقدم مَنْ ذكر ذلك هو المحب الطبري (ت 694 هـ) في الرياض النضرة (3/ 87 و 100) ولم يذكر له إسنادًا، ولم يثبت فيه