أن الخروج كان من أسبابه هذا. وغاية ما أثبتَه أنه أمرٌ قد حدث، ثم تلاه في ذكر ذلك ابن المطهر الحلي (ت 726 هـ). (?)
2 - إن عبيد الله بن عمر كان متأولًا في ذلك؛ لأن الهرمزان كان متهمًا بالمشاركة في قتل أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - وكان الذي قتله أبو لؤلؤة الكافر المجوسي مولى المغيرة بن شعبة، وكان بينه وبين الهرمزان مجانسة، وذُكر لعبيد الله بن عمر أنه رؤي عند الهرمزان حين قتل عمر، فكان ممن اتُّهم بالمعاونة على قتل عمر، وقد قال عبد الله بن عباس لما قُتل عمر: وقال له عمر: قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، فقال: إن شئت أن نقتلهم، فقال: كذبت، أما بعد إذ تكلموا بلسانكم وصلّوا إلى قبلتكم، فهذا ابن عباس -وهو أَفْقَهُ مِنْ عبيد الله بن عمر وأَدْيَنُ وأفضلُ بكثير- يستأذن عمر في قتل علوج الفرس مطلقًا الذين كانوا بالمدينة لما اتهموهم بالفساد اعتقد جواز مثل هذا، فكيف لا يعتقد عبيد الله جواز قتل الهرمزان؟ ! فلما استشار عثمان الناس في قتله فأشار عليه طائفة من الصحابة أن لا يقتله؛ فإن أباه قتل بالأمس ويُقتل هو اليوم فيكون في هذا فساد في الإسلام، وكأنهم وقعت لهم شبهة في عصمة الهرمزان، وهل كان من الصائلين الذين كانوا يستحقون الدفع، أو من المشاركين في قتل عمر الذين يستحقون القتل؟ وقد تنازع الفقهاء في المشتركين في القتل إذا باشر بعضهم دون بعض فقيل لا يجب القود إلا على المباشر خاصة؛ وهو قول أبي حنيفة، وقيل: إذا كان السبب قويًا وجب على المباشر والمتسبب، كالمكرِه والمكرَه؛ وكالشهود بالزنا والقصاص إذا رجعوا وقالوا: تعمدنا، وهذا مذهب الجمهور؛ كمالك، والشافعي، وأحمد، ثم إذا أمسك واحدٌ وقتله الآخرُ فمالك يوجب القود على الممسك والقاتل، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت، كما روي عن ابن عباس، وقيل: لا قود إلا على القاتل؛ كقول أبي حنيفة والشافعي.
وقد تنازعوا أيضًا في الآمر الذي لم يكره إذا أمر من يعتقد أن القتل محرم، هل يجب القود على الآمر؟ على قولين، وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر جاز قتله في أحد القولين