4 - قال ابن تيمية: لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه، وليس مع أحدهما ترجيح يقدم به. (?)
5 - قال ابن القيم: وَأَمّا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، صَرِيحَانِ، مُتَنَاقِضَانِ مِنْ كُلّ وَجْهٍ، لَيْسَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لِلْآخَرِ، فَهَذَا لَا يُوجَدُ أَصْلًا، وَمَعَاذَ الله أَنْ يُوجَدَ فِي كَلَامِ الصّادِقِ المْصْدُوقِ، الّذِي لَا يُخْرِجُ مِنْ بَيْنِ شَفَتَيْهِ إلّا الْحَقّ. (?)
المبحث الثاني: التعارض الظاهري -الموهوم-:
ويشتمل هذا المبحث على المطالب الآتية:
المطلب الأول: أسباب وجود التعارض الظاهري.
هذه الأسباب هي في الحقيقة ترجع إلى التقصير في استخدام طرق دفع التعارض، خاصةً الجمع بين الدليلين، أو معرفة الناسخ والمنسوخ، فأدَّى ذلك إلى وقوع التعارض الظاهري، وقد أجمل (ابن القيم) ذكر هذه الأسباب بقوله:
لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة، فإذا وقع التعارضُ؛ فإما أن يكون أحدُ الحديثين ليس مِن كلامه - صلى الله عليه وسلم -، وقد غَلِطَ فيه بعضُ الرواة -مع كونه ثقةً ثَبتًا، فالثقةُ يَغْلَطُ- أو يكونُ أحدُ الحديثين ناسخًا للآخر، إذا كان مما يَقْبَلُ النسخ، أو يكونُ التعارضُ في فهم السامع، لا في نفس كلامه - صلى الله عليه وسلم -، فلا بُدَّ مِن وجه من هذه الوجوه الثلاثة، وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان مِن كل وجه، ليس أحدُهما ناسخًا للآخر، فهذا لا يُوجد أصلًا، ومعاذَ الله أن يُوجَدَ في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحقُّ، والآفةُ مِن التقصير في معرفة المنقول، والتمييز بين صحيحه ومعلوله، أو من القُصور في فهم مُراده - صلى الله عليه وسلم -، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معًا؛ ومن ههنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع. (?)