وقال أيضًا عن سبب التعارض والاختلاف:
وإنما يؤتى من يؤتى هناك من قبل فهمه، وتحكيمه آراء الرجال وقواعد المذهب على السنة، فيقع الاضطراب والتناقض والاختلاف. (?)
ومن خلال الكلام السابق يظهر أن أسباب التعارض والاختلاف ترجع إلى:
- إما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه - صلى الله عليه وسلم -، وقد غلط فيه بعض الرواة -مع كونه ثقة ثبتًا- فالثقة يغلط.
- وإما أن يكون أحد الحديثين ناسخًا للآخر، إذا كان مما يقبل النسخ.
- وإما أن يكون التعارض في فهم السامع لا في نفس كلامه - صلى الله عليه وسلم -.
- وإما من جهة تقصير الناظر في معرقة المنقول، والتمييز بين صحيحه ومعلوله.- أو من القصور في فهم مراده - صلى الله عليه وسلم -، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معًا.
- أو تحكيم آراء الرجال، وقواعد مذهب من المذاهب على السنة النبوية.
المطلب الثاني: طرق دفع التعارض الظاهري.
فإذا وقع هذا النوع من التعارض الظاهري -الموهوم- فإن أهل العلم يدفعونه بالطرق الآتية:
الطريقة الأولى: الجمع بين الدليلين اللذين ظاهرهما التعارض:
لاحتمال أن يكون بينهما عموم وخصوص، أو إطلاق وتقييد، أو مجمل ومبين؛ لأن القاعدة المقررة عند أهل العلم: أن إعمال الكلام أولى من إهماله. (?)
قال الشافعي: ولا ينسب الحديثان إلى الاختلاف ما كان لهما وجهًا يمضيان معًا، إنما المختلف ما لم يمض إلا بسقوط غيره، مثل أن يكون الحديثان في الشيء الواحد، هذا يحله، وهذا يحرمه. (?)