الدليل السادس: لو كان التعارض في الواقع، وفي نفس الأمر جائزًا، لكان البحث عن الناسخ والمنسوخ لدفع التعارض بين الدليلين المتعارضين عبثًا، وكيف يكون عبثًا وقد شدَّدَ العلماء على تَعَلُّم الناسخ والمنسوخ ومعرفتهما!
الدليل السابع: القول بثبوت التعارض في الشريعة يرفع باب الترجيح جملة؛ إذ لا فائدة فيه، ولا حاجة إليه، على فرض ثبوت الخلاف أصلًا شرعيًا لصحة وقوع التعارض في الشريعة، لكن ذلك فاسد؛ فما أدى إليه مثله. (?)
- نفي أهل العلم وقوع هذا النوع من التعارض في الشريعة:
1 - قال ابن خزيمة: لا أَعْرِفُ حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَلْيَأْتِنِي بِهِ؛ لأُؤَلِّفَ بَيْنَهُمَا (?).:
2 - صرح ابن الشافعي: بأنه: لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبدًا حديثان صحيحان متضادان ينفي أحدهما ما يثبته الآخر، من غير جهة الخصوص والعموم، والإجمال والتفسير، إلا على وجه النسخ وإن لم يجده. (?)
3 - قال الشاطبي: كل من تحقق بأصول الشريعة؛ فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض، كما أن كل من حقق مناط المسائل؛ فلا يكاد يقف في متشابه؛ لأن الشريعة لا تعارض فيها البتة، فالمتحقق بها متحقق بما في نفس الأمر؛ فيلزم أن لا يكون عنده تعارض، ولذلك لا تجد البتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف، لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ؛ أمكن التعارض بين الأدلة عندهم. (?)