فدليل الجواز يمنع التحريم، ودليل التحريم يمنع الجواز، فكل منهما مقابل للآخر، ومعارض له، وممانع له (?).

ومرادهم بوقوع التعارض في الشريعة: تقابل الأدلة -القرآن مع القرآن، والسنة مع السنة، والقياس مع القياس، والإجماع مع الإجماع، ثم تقابل كل منها مع الآخر- فالقرآن يقابل السنة والقياس، والسنة تقابل القياس والإجماع، والقياس يقابل الإجماع؛ فيكون مجموع الأدلة المتقابلة عشرة أدلة، بحيث يمنع مدلول أحدها مدلول الآخر، فيستحيل الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع الصحيحة، مثل أن يكون أحد الدليلين مثبت والآخر نافٍ في زمن واحد، في محل واحد، فإذا أثبتوا على الشريعة هذا التناقض؛ امتنع الأخذ بها بأي وجه من الوجوه.

الوجه الثاني: أركان التعارض.

للتعارض ركنان هما:

الأول: كون كل من المتعارضين حجة، أي: دليل شرعي محتَجّ به يصح التمسك به في محل النزاع، ويمكن استنباط الحكم منه، فإذا كان أحد الدليلين دليلًا لا يحتج به كالحديث الضعيف مثلًا، لم يكن ثَمَّ تعارض. وكون هذا ركن واضح من تعريف التعارض بأنه تقابل الدليلين.

الثاني: تقابل الدليلين على وجه التمانع، بحيث لا يمكن الجمع بينهما جمعًا صحيحًا، فإن أمكن الجمع بينهما، أو كان كل واحد منهما ينزل على نوع لم يكن هناك تعارض، وإن كان كل واحد منهما ينزل في زمن من الأزمان لم يكن ثَمَّ تمانع. (?)

الوجه الثالث: شروط تحقيق التعارض.

لابد للحكم على حديثين بالتعارض، وجعلهما من باب مختلف الحديث: أن يكون كل منهما مُحْتَجًّا به، أما إن كان أحدهما لا يُقْبَلُ بحال، فإنه لا يُعَارَضُ به القوي، إذ إنه-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015