وزيد بن ثابت، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، ومجمَّع بن جارية، وأبو زيد الأنصاري، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وأبو هريرة، وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم (?).
هؤلاء بعض من عُرفوا واشتهروا ومن لم يُعرف أكثر وأكثر. فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ رِعْلٌ، وَذَكْوَانُ، وَعُصَيَّةُ، وَبَنُو لِحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصارِ، قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لِحْيَانَ (?).
وثبت أنه قُتل في وقعة اليمامة كثير من القراء، ويدل على ذلك قول عُمَرَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ (?).
لم يكن هم الصحابة حفظ ألفاظ القرآن فحسب؛ بل جمعوا إلى حفظ اللفظ فهم المعنى المراد، وتدبر الآيات، والعمل بمقتضى ما تضمنه من الأحكام والآداب. قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤننا القرآن، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا. (?)
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة الواحدة، وهذا هو السر فيما رُوي أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين (?).
ويتبين من هذا أن الله - عز وجل - حفظ القرآن على الأرض بواسطة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أصحابه رضوان الله عليهم، والتابعين، وكافة المؤمنين بعد ذلك.