رابعًا: ثبوت القرآن مكتوبًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
كتابة القرآن الكريم:
كانت الكتابة قليلة بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن ثبت أن عددًا منهم تعلموا القراءة والكتابة، وكتبوا القرآن، فمنهم من كتب صحيفة لنفسه، وتجردت منهم طائفة لكتابة القرآن الكريم في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهم كَتَبة الوحي الذين أرصدهم لذلك، ومن أشهر هؤلاء؛ بل هو إمام الكُتَّاب وسيدهم: زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، فقد ثبت عن البراء: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ادع لي زيدًا، وليجئ باللوح والدواة والكتف أو الكتف والدواة" ثم قال: "اكتب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} " (?).
وفي الصحيح كذلك أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - اختاراه لجمع القرآن وكتابته. قال زيد - رضي الله عنه -: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتتبع القرآن فاجمعه (?). قال ابن حجر رحمه الله: نعم قد كتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جماعة غير زيد بن ثابت. أما بمكة فلجميع مما نزل بها؛ لأن زيد بن ثابت إنما أسلم بعد الهجرة، أي أن جميع ما نزل قبل الهجرة كتبه كتاب آخرون غير زيد الأنصاري المدني الذي أسلم بالمدينة. وقال ابن حجر: وأما بالمدينة فأكثر ما كان يكتب زيد، ولكثرة تعاطيه ذلك أطلق عليه: الكاتب بلام العهد. . . وقد كتب له قبل زيد بن ثابت: أبيُّ بن كعب وهو أول من كتب له بالمدينة، وأول من كتب له من قريش بمكة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وممن كتب له في الجملة الخلفاء الأربعة، والزبير بن العوام، وخالد وأبَّان ابنا سعيد بن العاص بن أمية، وحنظلة بن الربيع الأسدي، ومُعَيقيب بن أبي فاطمة، وعبد الله بن الأرقم الزهري، وشُرَحبيل ابن حسنة، وعبد الله بن رواحة - رضي الله عنهم -. (?)
ومن كلام ابن حجر هذا يتبين لنا كثرة عدد من كتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -.