ثم ذكر بإسناده إلى قتادة {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} قال: حفظه الله من أن يزيد فيه الشيطان باطلا أو ينقص منه حقا، وقيل: الهاء في قوله {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} من ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - بمعنى: وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه (?).

قال ابن كثير: ثم قرر تعالى أنه هو الذي أنزل الذكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل. ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى: {لَهُ لَحَافِظُونَ} على النبي - صلى الله عليه وسلم -، كقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] والمعنى الأول أولى، وهو ظاهر السياق (?).

قال الماوردي: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} وقال الحسن والضحاك يعني: القرآن.

{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، فيه قولان:

أحدهما: وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه، حكاه ابن جرير.

الثاني: وإنا للقرآن لحافظون.

وفي هذا الحفظ ثلاثة أوجه:

أحدها: حفظه حتى يجزى به يوم القيامة، قاله الحسن.

الثاني: حفظه من أن يزيد فيه الشيطان باطلًا، أو يزيل منه حقًا، قاله قتادة.

الثالث: إنا له لحافظون في قلوب من أردنا به خيرًا، وذاهبوان به من قلوب من أردنا به شرًّا (?).

قال القنوجي: ثم أنكر سبحانه على الكفار استهزاءهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقولهم المذكور، فقال سبحانه: "إنا نحن نزلنا الذكر" الذي أنكروه، ونسبوك بسببه إلى الجنون وهو القرآن، واعتقدوا أنه مختلق من عندك، {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} عن كل ما لا يليق به من تصحيف، وتحريف، وزيادة، ونقص، ونحو ذلك. فالقرآن محفوظ من هذه الأشياء كلها، لا يقدر واحد من جميع الخلق من الإنس والجن أن يزيد فيه أو ينقص منه حرفًا واحدًا أو كلمة واحدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015