رفع من القرآن، فلا يحل إثباته فيه. كما قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}. فنص تعالى على أنه لا ينسى أصلا شيئا من القرآن، إلا ما أراد تعالى رفعه بإنسائه، فصح أن حديث الداجن إفك وكذب وفرية، ولعن الله من جوّز هذا أو صدَّق به، بل كل ما رفعه الله تعالى من القرآن فإنما رفعه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قاصدًا إلى رفعه، ناهيًا عن تلاوته إن كان غير منسي، أو ممحوًا من الصدور كلها. ولا سبيل إلى كون شيء من ذلك بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجيز هذا مسلم؛ لأنه تكذيب لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. ولكان ذلك أيضًا تكذيبًا لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ولكان ما يرفع منه بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرما في الدين، ونقصًا منه، وإبطالا للكمال المضمون. ولكان ذلك مبطلًا لهذه الفضيلة التي خصصنا بها، والفضائل لا تنسخ. (?).

قال القرطبي: وأما ما يحكى من أن تلك الزيادة، كانت في صحيفةٍ في بيت عائشة فأكلتها الداجن فمن تأليف الملاحدة والروافض. (?).

قال ابن عاشور: ووضع هذا الخبر ظاهر مكشوف، فإنه لو صدق هذا؛ لكانت هذه الصحيفة قد هلكت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعده، والصحابة متوافرون، وحفاظ القرآن كثيرون، فلو تلفت هذه الصحيفة لم يتلف ما فيها من صدور الحفاظ، وكون القرآن قد تلاشى منه كثير هو أصل من أصول الروافض ليطعنوا به في الخلفاء الثلاثة، والرافضة يزعمون أن القرآن مستودع عند الإمام المنتظر فهو الذي يأتي بالقرآن وقر بعير (?).

الوجه الثاني: على القول بتحسين الحديث، أو من قال بصحته فيجاب عليه أيضًا بهذه الوجوه:

الأول: أن عائشة ليست وحدها عندها الأوراق، والحفظ كان في صدور الرجال:

وهذا أيضًا لا حجة فيه؛ فإن مصاحف المسلمين كثيرة، والدواجن إذا أكلت ورقة لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015