الثالث: رد المتشابه المشكل إلى المحكم، وإلى العالم به مع الإيمان والتصديق:
فلقد أخبرنا الله تعالى أن في القرآن آيات محكمات، هن أم الكتاب أي: بينات، واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس، أو بعضهم، فمن ردَّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وأحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس. (?) فما كان من عند الله لا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره، وهذه هي طريقة الصحابة والتابعين في التعامل مع المحكم والمتشابه. (?)
الرابع: اعتبار طريقة القرآن وعادته في دفع الإشكال:
ففي كل موضوع يسوق الله فيه حكمًا من الأحكام، أو خبرًا من الأخبار، فيتشوف الذهن إلى شيء آخر، إلا وجدت الله قرن به ذلك الأمر الذي يعلق في الأذهان، فيبينه أحسن بيان، وهذا أعلى أنواع التعليم، الذي لا يُبقي إشكالًا إلا أزاله، ولا احتمالًا إلا أوضحه، وهذا يدل على سعة علم الله وحكمته، وذلك في القرآن الكريم كثير جدًا (?)، فمن ذلك قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] رفع سبحانه توهم المجاز في تكليمه لكليمه بالمصدر المؤكد الذي لا يشك عربي القلب واللسان أن المراد به إثبات الحقيقة. ومنها قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)} [الأعراف: 42]. فرفع توهم السامع أن المكلفين عملوا جميع الصالحات المقدورة والمعجوز عنها، كما يجوزه أصحاب تكليف ما لا يطاق، رفع هذا التوهم بجملة اعترض بها بين المبتدأ وخبره يزيل الإشكال. (?)
الخامس: جمع الآيات ذات الموضوع الواحد: