عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالََ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بَقِيَ مِنْهَا؟» قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا. قَالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا» أخرجه الترمذي (?).
والكلمة غير الطيبة تفسد الصدقة، فالذي يتبع الصدقة بالأذى ليست وجهته الآخرة، وليس إيمانه كاملاً.
إذ كيف يهين ويؤذي من جاء يحمل حسناته إلى الآخرة بغير أجر؟.
أيأتي إنسان يحمل زادي موفوراً إلى الآخرة فأهينه وأوذيه؟.
أيكون هذا إيماناً؟ .. هذا لا يكون أبداً.
الإيمان يدعوني لأكرمه والترحيب به، وأفرح به، لأنه سيؤدي لي خير ما في الدنيا من الحسنات بلا أجر، ولذلك أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالإحسان إلى الأيتام والفقراء ومواساتهم بحسن الكلام وأجمل المال كما قال سبحانه: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} [الضحى: 9 - 11].
والله عزَّ وجلَّ لا يريد قوالب تخضع ولكنه يريد قلوباً تخشع، لأن إخضاع القالب يمكن أن يأتي بالرغم منه، فقد تكره على فعل شيء وأنت لا تحبه فتفعله.
والقلب هو المنطقة الحرة التي خلقها الله في الإنسان، ولا تستطيع قوة في الأرض مهما كانت أن تقهرها على فعل شيء من حب او بغض أو غيرهما من أعمال القلوب، فما في القلب ملك خاص بصاحبه فقط.
فقد يكرهك إنسان فتتظاهر له بالحب، ولكن قلبك يظل يكرهه ويرفضه، وقد تتظاهر لإنسان بالخضوع، ولكن قلبك يمقته، ولذلك أذن الله للجوارح بالمخالفة عند الإكراه ما دام القلب مطمئناً بالإيمان كما قال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)} [النحل: 106].