وهو المحور الذي تشد إليه جميع خيوط الحياة الرفيعة.

وهو المنهج الذي يضم شتات الأعمال لتسير في طريق واحد، لها منبع واحد، ودافع معلوم، وهدف مرسوم: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران: 53].

والقرآن يهدر كل عمل لا يرجع إلى هذا الأصل، ولا يشد إلى هذا المحور، ولا ينبع من هذا المنهج.

فلا قيمة لعمل مهما كان ومهما كثر ومهما ظن الناس فيه خيراً ما لم يستند إلى الإيمان كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)} [النور: 39].

والعمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان، وهو الحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي تستقر فيها حقيقة الإيمان في القلب.

فلا يمكن أن يظل الإيمان خامداً لا يتحرك، كامناً لا يظهر في صورة حية خارج ذات المؤمن.

فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت أو معلول.

فالإيمان يولد العمل الصالح فوراً. ويخنق كل عمل فاسد .. ويطرد كل خلق سافل.

فمثلاً إذا عرفت الله، وآمنت به، بادرت إلى فعل ما يحب واجتناب ما يكره.

وإذا دخل عليك من يعطيك مالاً، ودخل عليك من يأخذ منك صدقة فبأيهما تفرح؟.

فصاحب الدنيا يفرح بمن يعطيه مالاً، والمؤمن يفرح بمن يأخذ منه الصدقة، فالذي يعطيني مالاً يعطيني الدنيا، والذي يأخذ مني صدقة يعطيني الآخرة، ويحمل زادي إلى الآخرة بغير أجر: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015