منهج الحياة شعوراً وسلوكاً: {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)} [المعارج: 26].
فالذي يصدق بيوم الدين يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض، ولحساب الآخرة لا لحساب الدنيا، ويتقبل الأحداث خيرها وشرها، وفي حسابه أنها مقدمات نتائجها يوم القيامة.
ويقضي حياته مطيعاً لربه، منتظراً جزاءه يوم يلقاه.
أما المكذب بيوم الدين فلا يعرف إلا الدنيا، فهو يحسب كل شيء يقع له في هذه الحياة القصيرة المحدودة، فهو بائس مسكين، معذب قلق، لأن ما يقع له في هذه الحياة الدنيا قد لا يكون مطمئناً ولا مريحاً ولا عادلاً ولا معقولاً ما لم يضف إليه حساب الشطر الآخر، وهو أكبر وأطول وأهول، ومن ثم يشقى به من لا يحسب حساب الآخرة.
ومن صفاتهم أنهم يقضون أوقاتهم يراقبون ربهم، ويشعرون بالتقصير في جناب الله مع كثرة عبادتهم، والخوف من تلفت القلب، واستحقاقه للعذاب في كل لحظة، والتطلع إلى الله ليحميهم ويقيهم العذاب: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)} [المعارج: 27، 28].
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - دائم الحذر دائم الخوف، وكان على يقين أن عمله لا يعصمه ولا يدخله الجنة إلا بفضل الله ورحمته كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ يُدْخِلَ أحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلا أنْتَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» متفق عليه (?).
إن القلب المؤمن الموصول بالله يحذر ويرجو، ويخاف ويطمع، وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال، منتظر لكرامته في الدنيا والآخرة.
إن الإيمان بالله هو أصل الدين الذي ينبثق منه كل فرع من فروع الخير، وتتعلق به كل ثمرة من ثماره.