منوعاً للخير إذا قدر عليه يحسب أنه من كده وكسبه، فيضن به على غيره، ويحتجزه لنفسه، ويصبح أسير ما ملك منه، مستعبداً للحرص عليه، لا يدرك حقيقة الرزق ولا يعرف الرازق، ولا يطلع إلى خير منه عند ربه، وهو منقطع عنه، خاوي القلب من الشعور به.
فهو هلوع في الحالتين:
هلوع من الشر .. هلوع على الخير.
وتلك صورة بائسة للإنسان حين يخلو قلبه من الإيمان، فهو دائماً في قلق وخوف.
سواء أصابه الشر فجزع، أو أصابه الخير فمنع.
فأما حين يعمر قلبه بالإيمان فهو منه في طمأنينة وعافية، لأنه متصل بخالق الكون ومدبر الأحوال مطمئن إلى قدره، شاعر برحمته، مقدر لابتلائه، متطلع إلى فرجه، منتظر لإحسانه، عالم أنه ينفق مما رزقه الله، وأنه سيجزيه على ما أنفق في سبيله، معوض عنه في الدنيا والآخرة.
فالمؤمنون لا يصيبهم الجزع ولا الهلع، وقد أعطاهم الله الصلاة، فالصلاة فوق أنها ركن من أركان الإسلام وعلامة الإيمان هي وسيلة الاتصال بالله، ومظهر العبودية الخالصة، وهي صلة بالله مستمرة غير منقطعة للتعظيم والحمد، والسؤال والاستغفار، وتقديم التحيات كل يوم للعزيز الجبار.
فكلٌّ هالك خاسر: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)} [المعارج: 22، 23].
وهؤلاء المؤمنون كما يؤدون الصلاة التي تصلهم بربهم، يؤدون الزكاة والصدقات المعلومة القدر، ويجعلون في أموالهم نصيباً معلوماً يشعرون أنه حق للسائل والمحروم كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} [المعارج: 24، 25].
ومن صفاتهم أنهم يصدقون بيوم الدين شطر الإيمان، وهو ذو أثر حاكم في