ونار جهنم مخلوقة حية تكظم غيظها فترتفع أنفاسها في شهيق وهي تفور، ويملأ جوانحها الغيظ فتكاد تتمزق من الغيظ لما تنطوي عليه من بغض وكره الكفار والمنافقين والعصاة.

وقد حكى الله عزَّ وجلَّ دهشة الكائنات وغيظها للشرك بربها بقوله سبحانه: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)} [مريم: 90 - 93].

ألا ما أقبح الكفر بالله، وما أنجس أهله وأقذرهم .. وما أركسهم في الغي والضلال.

إن النفس التي تكفر بالله تظل تنتكس وترتكس في كل يوم تعيشه حتى تنتهي إلى صورة بشعة مسيخة، صورة بشعة منكرة جهنمية، صورة قبيحة لا يماثلها شيء في الكون.

فكل شيء روحه مؤمنة، وكل شيء يسبح بحمد ربه، ما عدا هذه النفوس الشاذة عن موكب الإيمان، الآبدة الشريرة، الجاسية النفور.

فأي مكان في الوجود كله تنتهي إليه وهي مبتوتة الصلة بكل شيء في الوجود، إنها تتزود إلى جهنم المتغيظة المتلمظة الحارقة.

وقد كشف الله تبارك وتعالى عن صورة الإنسان عند خلو قلبه من الإيمان بقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)} [المعارج: 19 - 21].

فالإنسان حين يخلو قلبه من الإيمان يكون هلوعاً جزوعاً منوعاً، فهو جزوع عند مس الشر يتألم للذعته، ويجزع لوقعه، ويحسب أنه دائم لا كاشف له.

فلا يتصور أن هناك فرجاً، ولا يتوقع من الله تغييراً، ومن ثم يأكله الجزع، ويمزقه الهلع.

ذلك أنه لا يأوي إلى ركن يشد من عزمه، ويعلق به رجاءه وأمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015