خَيْراً لَهُ» أخرجه مسلم (?).
فالمؤمن يؤمن بقدر الله، ويسلم له عند المصيبة، ويتيقن أنه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)} [التغابن: 11].
والذي يؤمن بالله يهدي قلبه هداية مطلقة، ويفتحه على الحقيقة اللدنية، ويصله بأصل الأشياء والأحداث، فيرى هناك منشأها وغايتها، ومن ثم يطمئن ويقر ويستريح، فهي هداية إلى شيء من علم الله يمنحه لمن يهديه حين يصح إيمانه، فيستحق هذا التكريم.
ومن لم يؤمن بالله عند ورود المصائب فإن الله يخذله ويكله إلى نفسه، والنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع، الذي هو عقوبة عاجلة على العبد، قبل عقوبة الآخرة.
إن الإيمان بالله حقيقة شهد بها الوجود كله والخلائق كلها .. فكل خليقة من خلائق الله حية ذات روح من نوعها .. وكل خليقة تعرف ربها الذي فطرها وتسبح بحمده .. وتدهش حين ترى الإنسان يكفر بخالقه .. وتتغيظ لهذا الجحود المنكر .. الذي تنكره فطرتها .. وتنفر منه روحها .. فالله عزَّ وجلَّ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} [الإسراء: 44].
وذلك يدل على حقيقة إيمان الوجود كله بخالقه، وتسبيح كل شيء بحمده، ودهشة الخلائق وارتياعها لشذوذ الإنسان حين يكفر، ويشذ عن هذا الموكب. وتحفز هذه الخلائق الساكنة الصامتة، للانقضاض على الإنسان الكافر في غيظ وحنق، كالذي يطعن في عزيز كريم عليه، فيغتاظ ويحنق، ويكاد من الغيظ يتمزق، كما هو حال جهنم وهي تستقبل الكفار والعصاة: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} [الملك: 7، 8].