يعلمونه من الدلائل، ومنازلهم في الآخرة متفاوتة بحسب ذلك.
والله عزَّ وجلَّ ينادي المؤمنين ويأمرهم بالإيمان والتقوى الذي يدخل فيه جميع الدين ظاهره وباطنه، وأصوله وفروعه، ويعدهم على ذلك كفلين من رحمته لا يعلم قدرهما إلا الله تعالى، أجر على الإيمان، وأجر على التقوى، وأجر على امتثال الأوامر، وأجر على اجتناب النواهي كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} [الحديد: 28].
إن الإنسان إنسان مهما وهب من النور، إنسان مهما عمل، إنسان يقصر حتى لو عرف الطريق، إنسان يحتاج إلى المغفرة .. فتدركه رحمة الله .. والله غفور رحيم.
وحقيقة الإيمان الذي أرسل الله به رسله إلى عباده هو الإيمان الذي يرد كل شيء إلى الله، ويعتقد به العبد أن كل ما يصيبه من خير وشر فهو بإذن الله، وهي حقيقة لا يكون إيمانٌ بغيرها.
فهي أساس جميع المشاعر الإيمانية عند مواجهة الحياة بما فيها من خير وشر.
وهذا ما ينشئه الإسلام في ضمير المؤمن، فيحس يد الله في كل حدث، ويرى أمر الله في كل حركة، ويطمئن قلبه لما يصيبه من السراء والضراء، فيشكر للأولى، ويصبر للثانية، وينال بذلك مراتب الصابرين الشاكرين.
وقد يتسامى حسب إيمانه إلى آفاق فوق هذا .. فيشكر الله في السراء والضراء .. إذ يرى في الضراء كما في السراء فضل الله ورحمته .. بالتنبيه والتذكير له .. أو تكفير سيئاته .. أو رفعة درجاته .. أو ترجيح ميزان حسناته .. فيرى الخير في هذا وهذا.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ