الطاعة والتسليم .. إلى أن يستشعر قلبه الإيمان والطمأنينة .. إن الله غفور رحيم.
إن حقيقة الإيمان هي تصديق القلب بالله ورسوله، التصديق الذي لا يرد عليه شك ولا ارتياب، التصديق المطمئن الثابت المستيقن، الذي لا يتزعزع، والذي ينبثق منه الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله كما قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} [الحجرات: 15].
إن القلب متى تذوق حلاوة هذا الإيمان واطمأن إليه وثبت عليه لا بد أن يندفع لتحقيق حقيقته في خارج القلب، في واقع الحياة، في دنيا الناس.
يريد أن يوحد بين ما يستشعره في باطنه من حقيقة الإيمان، وما يحيط به في ظاهره من مجريات الأمور وواقع الحياة.
ولا يطيق الصبر على التفريق بين الصورة الإيمانية التي في حسه، والصورة الواقعية من حوله، لأن هذه المفارقة تؤذيه وتصدمه في كل لحظة.
ومن هنا هذا الانطلاق إلى الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس هو انطلاق ذاتي من نفس المؤمن، يريد أن يحقق به الصورة الوضيئة التي في قلبه ليراها ممثلة في واقع الحياة، لتكون كما يريده الله ورسوله.
إن الخصومة بين المؤمن .. وبين الحياة الجاهلية من حوله .. إنما هي خصومة ذاتية .. ناشئة من عدم استطاعته حياة مزدوجة بين تصوره الإيماني .. وواقعه العملي.
وعدم استطاعته كذلك التنازل عن تصوره الإيماني الكامل الجميل المستقيم .. في سبيل واقعه العملي الناقص الشائن.
إنه لا بد للقلوب المؤمنة أن تنتبه إلى مزالق الطريق وأخطار الرحلة، لتعزم أمرها وتستقيم، ولا ترتاب عندما يدلهم الأفق، ويظلم الجو، وتعصف بها العواصف والرياح.
وموحيات الإيمان وموجباته متفاوتة في خلقه حسب أحوالهم وما يرونه، وما