فِيهَا خَالِدُونَ (11)} [المؤمنون: 10، 11].

والإيمان يزيد وينقص، وكلما زاد الإيمان في القلب، ازدادت الطاعات، وزاد الخوف والخشية في قلوب المؤمنين كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)} [المؤمنون: 57 - 61].

فهؤلاء المؤمنون مشفقون من ربهم، وهم يؤمنون بآياته، ولا يشركون به، وهم ينهضون بتكاليف الدين وواجباته، وهم يأتون من الطاعات ما استطاعوا، ولكنهم بعد هذا كله قلوبهم وجلة لإحساسهم بالتقصير في حق الله بعد أن بذلوا ما في طوقهم وهو في نظرهم قليل؛ لأن ما يجب لله أعظم.

إن قلب المؤمن يشعر بفضل الله عليه ومنته في كل آن .. ويحس آلاءه في كل نفس .. وفي كل حركة .. ومن ثم يستصغر كل عباداته .. ويستقل كل طاعاته .. إلى جانب آلاء الله ونعمائه.

كذلك هو يستشعر بكل ذرة فيه جلال الله وعظمته، ويرقب بكل مشاعره يد الله في كل شيء من حوله.

ومن ثم يشعر بالهيبة، ويشعر بالوجل، ويشعر بالحياء، ويشفق أن يلقى الله وهو مقصر في حقه.

لم يوف ربه حقه عبادةً وطاعةً، ولم يقارب أياديه عليه معرفةً وشكراً.

وهؤلاء هم الذين يسارعون في الخيرات، وهم الذين يسبقون لها لما عرفوا قدرها وثمنها، ومن ثم ينالونها في الطليعة بهذه اليقظة، وبهذا التطلع، وبهذا العمل، وبهذه الطاعة.

وكلما كان القلب ندياً بالإيمان زاد تذوقه لحلاوة الإيمان، وأدرك من معاني القرآن وتوجيهاته ما لا يدركه منه القلب الصلد الجاف.

واهتدى بنوره إلى ما لا يهتدي إليه الجاحد الصادف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015