فهم يرعون الأمانة الكبرى، فلا يدعون فطرتهم تنحرف عن استقامتها.
فتظل قائمة بأماناتها شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته، ثم تأتي سائر الأمانات في عنق الفرد، في عنق الجماعة، في عنق الأمة.
والعهد الأول هو عهد الفطرة الذي قطعه الله على فطرة البشر بالإيمان به وتوحيده، وعلى هذا العهد الأول تقوم جميع العهود والمواثيق.
فكل عهد يقطعه المؤمن يجعل الله شهيداً عليه فيه، ويرجع في الوفاء به إلى تقوى الله وخشيته.
والأمة المسلمة مسئولة عن أماناتها العامة، ومسئولة عن عهدها مع الله تعالى، وما يترتب على هذا العهد من تبعات.
وما تستقيم حياة الأمة إلا أن تُؤدَى فيها الأمانات، وتُرعى فيها العهود.
الصفة السادسة: المحافظة على الصلاة كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)} [المؤمنون: 9].
فهم على صلاتهم يحافظون، فلا يفوتونها كسلاً ولا يضيعونها إهمالاً، ولا يقصرون في إقامتها، إنما يؤدونها في أوقاتها كاملة الفرائض والسنن، مستوفية الأركان والآداب، حية يستغرق فيها القلب، وتستقيم الجوارح.
وقد بدأت صفات المؤمنين بالصلاة وختمت بها، للدلالة على عظيم مكانتها في بناء الإيمان، بوضعها أكمل صورة من صور العبادة والتوجه إلى الله.
فهذه صفات المؤمنين المكتوب لهم الفلاح، وهذا نوع الحياة التي يعيشونها .. تلك الحياة الفاضلة اللائقة بالإنسان الذي كرمه الله .. وأراد له التدرج في مدارج الكمال.
ولما كانت الحياة في هذه الأرض لا تحقق الكمال المقدر للبشر، فقد شاء الله أن يصل المؤمنون الذين ساروا في الطريق إلى الغاية المقدرة لهم في الآخرة، هنالك في الفردوس، دار الخلود بلا فناء، والأمن بلا خوف، والاستقرار بلا زوال، والنعيم بلا شقاء: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ