{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)} [آل عمران: 101].
أما الذين نقضوا عند الله من بعد ما أكده على أيدي رسله، فلم يقابلوه بالانقياد والتسليم، بل قابلوه بالإعراض والنقض، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل.
فلم يصلوا ما بينهم وبين ربهم بالإيمان والعمل الصالح، ولا وصلوا الأرحام، ولا أدوا الحقوق، بل أفسدوا في الأرض بالكفر والمعاصي والصد عن سبيل الله.
فأي جرم فوق هذا؟، وأي ضلال بعد هذا؟.
وماذا ينتظر هؤلاء من اللعنة والعقوبة؟.
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)} [الرعد: 25].
إن استحباب الحياة الدنيا على الآخرة يصطدم بتكاليف الإيمان، ويتعارض مع الاستقامة على الصراط، وليس الأمر كذلك حين تستحب الآخرة.
لأنه عندئذ تصلح الدنيا، ويصبح المتاع بها معتدلاً، ويراعى فيه وجه الله.
والإيمان بالله يقتضي حسن الخلافة في الأرض، باستعمارها والاستفادة من خيراتها، فلا تعطيل للحياة في الإسلام انتظاراً للآخرة.
ولكن تعمير الحياة بالحق والعدل والاستقامة ابتغاء رضوان الله والاستعانة بها على أداء أعمال الآخرة هذا هو الإسلام.
أما الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة فلا يصلون إلى غاياتهم في ظل نور الإيمان بالله، ومن ثم يستأثرون بثروات الأرض، ويكسبون الحرام والخبيث، ويستغلون الناس ويغشونهم ويستعبدونهم.
ولا يمكنهم الحصول على هذا في ظل نور الإيمان، وفي ظل الاستقامة على هداه، ومن ثم يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً، لا استقامة فيها ولا عدالة.
وحين يفلح هؤلاء في صد أنفسهم وصد غيرهم عن سبيل الله فعندئذ فقط