أيدي الأنبياء والرسل كما قال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)} [إبراهيم: 1].
إن الجاهلية كلها ظلمات .. ظلمات الوهم والخرافة .. ظلمات الإوضاع والعادات .. ظلمات الحيرة في تيه الأرباب المتفرقة .. ظلمات الأخلاق السيئة .. ظلمات القهر والظلم .. ظلمات الرعب والخوف.
ولا بدَّ من إخراج البشرية من هذه الظلمات، إلى نور الإيمان الذي يكشف هذه الظلمات.
يكشفها في عالم النفس .. وفي عالم القلب .. وفي عالم الفكر .. ثم يكشفها في واقع الحياة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو فضل على العالمين: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة: 15، 16].
إن الإيمان بالله نور يشرق في القلب، وتشرق به أعضاء الإنسان كلها، وتشرق به النفس، ثترى الطريق واضحة إلى الله، لا يشوبها غبش الشهوات والأوهام، ولا ضباب الخرافات والأطماع.
ومتى رأت الطريق واضحاً سارت على هدى لا تتعثر ولا تضطرب، ولا تتردد ولا تحتار.
والإيمان بالله نور تشرق به الحياة، فإذا الناس كلهم إخوة متساوون، تربط بينهم آصرة واحدة، يدينون كلهم لله دون سواه، وهم مع الكون ومن فيه في أمن وسلام، وعدل وإحسان، وراحة واطمئنان، فالله الذي خلق الكون، وهو الذي يدبره بأمره، ودينه الذي يحكم الوجود، وشريعته التي تحكم الحياة، فالنور المشرق في ذات النفس هو النور المشرق في ذات الكون.
والنفس التي تعيش في هذا النور لا تخطئ الإدراك ولا تخطئ التصور ولا تخطئ السلوك، فهي على صراط مستقيم فأنى تضل؟.