فالأولى فضائل .. والثانية ابتلاء بالفضائح لعلهم يتوبون.
وفرعون لما فسد فكره، جاء عنده الهم أن هذا الملك سوف يسلب مني، ولأنه لا يعرف الحق، بدأ يعالج البلاء بالبلاء فقرر أن يقتل كل مولود من بني إسرائيل، فعالج المعصية بالمعصية، وإلا علاج الهم الاستغفار والتوبة.
فعالج فرعون الخطأ بالخطأ، فما زال الهم بل زاد، وجاء بشكل آخر أقوى وأشد من الأول، فقد قتل فرعون أولاد بني إسرائيل بالآلاف، لأنه فكر في ملكه فما حصل العلاج.
فربى الله من يزيل ملكه في بيته، وتحت رعاية زوجته، وهو موسى - صلى الله عليه وسلم -.
ولما كبر قام بدعوة فرعون إلى الله، وتلطف معه حتى قامت الحجة عليه، ولما لم يرجع ولم يؤمن ألقى الله المصائب في ملكه كما قال سبحانه: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)} [الأعراف: 132، 133].
فانتقل الهم من قلبه على نفسه إلى الهم في ملكه، وابتلاه الله بهذه المصائب لعله يتوب إلى الله، فالحياة في عهده فاسدة، والأحوال فاسدة، بسبب فقدان الدين، ولكنه مع رؤية هذه الآيات أبى كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56)} [طه: 56].
فتأثر الملك بسبب ذلك الاستكبار كما قال سبحانه: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39)} [القصص: 39].
فهاتان مرحلتان: إلى القلوب .. ثم إلى الأسباب، فإذا لم يرجع فهناك مرحلة ثالثة، وهي البطش والإهلاك كما قال سبحانه: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)} [الزخرف: 55].
فهذه ثلاث مراحل للخسران:
فأولاً تتأثر القلوب .. ثم تتأثر الأسباب .. ثم التدمير والهلاك، وذلك ليعود