فلما حصل له كمال اليقين، أرسله الله إلى فرعون فأبى واستكبر، فأنجى الله نبيه، وأهلك فرعون وجنوده، بأمر واحد، ووقت واحد.
والدنيا محل تكميل الإيمان والأعمال والأخلاق.
فمن اجتهد لتكميل تلك الصفات في نفسه صار في مرتبة الأبرار والصالحين.
ومن اجتهد لتكميلها في نفسه وفي غيره من الناس صار في مرتبة المقربين كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)} [الواقعة: 10، 11].
وعلامة الإيمان الكامل:
أن نتوجه إلى الله وحده في جميع أمورنا .. فهو قاضي حاجات البشر وحده لا شريك له .. ونفعل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحال .. فأوامر الله كالحبل الذي يتمسك به الغريق .. فمن تمسك بحبل الله نجا وأفلح .. ومن توجه إلى المخلوق خذله الله به وأذله.
وكل الناس غرقى إلا من تمسك بحبل الله واعتصم به.
فبالجهد للدين يقوى الإيمان .. وبقوة الإيمان تقوى الأعمال .. وبقوة الإيمان والأعمال يقوى الدعاء .. وبالدعاء تقضى الحوائج .. كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة: 186].
وكلما قوي الإيمان جاءت متطلبات الإيمان سهلة كالطاعات، وإذا ضعف الإيمان ثقلت الطاعات، وجاءت الرغبة في المعاصي.
وإذا اقترنت الأعمال بالإيمان جاءت الطمأنينة والسعادة في الدنيا والآخرة.
وإذا اقترنت المعاصي بالإيمان جاءت المصائب نقداً في الدنيا قبل الآخرة كما حصل للصحابة في غزوة أحد، وفي غزوة حنين.
فأولاً تسلب الطمأنينة من القلوب، وتأتي الهموم ليستغفروا ويتوبوا، فإذا لم يرجعوا إلى الحق، واستمروا في المعاصي، تحولت المصائب والهموم إلى الأسباب كالأموال والأولاد، ليتوبوا إلى الله.