الإنسان إلى ربه.
فيربي الله العاصي بالفضائل والمصائب .. فإذا لم يقبل ابتلاه بالفضائح .. فإذا لم يتب أهلكه الله .. وبعد الموت تكون الحال أشد وأبقى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)} [الرعد: 34].
وقد أقسم الله عزَّ وجلَّ بالعصر الذي هو زمن الأعمال الرابحة والخاسرة، على أن كل واحد في خسر إلا من كمل قوته العلمية والعملية فقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: 1 - 3].
وهذا نهاية الكمال الإنساني، فإن الكمال أن يكون الشخص كاملاً في نفسه مكملاً لغيره.
وكمال الإنسان بإصلاح قوتيه: العلمية والعملية.
فصلاح قوة الإنسان العلمية بالإيمان، وصلاح القوة العملية بعمل الصالحات، وتكميله غيره بتعليمه إياه، وصبره عليه، وتوصيته بالصبر على العلم والعمل.
فالحق هو الإيمان والعمل، ولا يتمان إلا بالصبر عليهما، والتواصي بهما.
والإيمان لا يكون حتى ينبثق منه عمل صالح.
وهذا الإيمان إما أن يجد طعمه وحلاوته وحقيقته في القلب، أو لا يجد كما قال سبحانه: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} [الحجرات: 14].
فهؤلاء مسلمون وليسوا بمؤمنين، لأنهم ليسوا من باشر الإيمان قلبه، ذاق حلاوته وطعمه، وهذا حال أكثر المسلمين، فأثبت لهم الإسلام، ونفى عنهم الإيمان، لأنهم لم يذوقوا طعمه، ونفى عنهم الإيمان المطلق، لا مطلق الإيمان وهو الإٍسلام.
ووعدهم مع ذلك على طاعاتهم أن لا ينقصهم من أجور أعمالهم شيئاً.