جذورها وأغصانها وأوراقها وأزهارها وثمارها.
وكذلك الإنسان فيه طاقات واستعدادات للخير والشر.
فإذا اجتهدنا عليه، ودخل الإيمان في قلبه، ظهرت طاقاته المحمودة من العلم والعبادة والدعوة، وحسن المعاملات والمعاشرات والأخلاق، وظهرت زينته على بدنه، كما تظهر الأوراق والزهور والثمار على الشجرة.
فكما أنه إذا دخل الماء إلى الشجرة تفتحت بالأوراق والأزهار والثمار، فكذلك إذا دخل الإيمان في القلب أثمر الأعمال الصالحة، وتفتحت الجوارح بالأعمال والعبادات والدعوة، وطلب الأعمال كما يطلب العطشان الماء.
والإيمان له ركنان لا يقوم إلا بهما:
أحدهما: السمع المتضمن للقبول، لا مجرد سمع الإدراك المشترك بين المؤمنين والكفار.
والثاني: الطاعة المتضمنة لكمال الانقياد بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي.
وفي ذلك كمال الإيمان .. وكمال القبول .. وكمال الانقياد كما قال سبحانه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: 51].
ولما جاء الإيمان في حياة الصحابة جاء أمران:
الأول: الاستعداد لفعل الأوامر والتلذذ بها، والتنافس فيها، والمسارعة إليها.
الثاني: النصرة من الله، وإحقاق الحق، وإبطال الباطل، والتمكين في الأرض.
وكل من أقر بلا إله إلا الله في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - تغير فكره .. وتغير يقينه .. وتغير شكله .. وتغير شغله .. وتغير عمله .. وتغير مقصد حياته: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)} [البقرة: 138].
وقد كان إيمان الصحابة قوياً في أعماق قلوبهم، فكلما اصطدمت أحوالهم الخاصة بأوامر الله آثروا دين الله على أحوالهم، ولم يبالوا بها.
فتحملوا الجوع والعطش، ومفارقة الأهل والأوطان، وصبروا على كيد الأعداء