وأذاهم، وقدموا أموالهم وأنفسهم وأوقاتهم كلها للدين.
وبذلك نزلت عليهم السكينة .. وفازوا بنصرة الله حينما ضحوا من أجل لا إله إلا الله بأموالهم وأنفسهم .. وأوقاتهم وشهواتهم .. وجاههم وديارهم .. وهاجروا ونصروا .. وقاتلوا وقتلوا.
ولذلك كلهم رضي الله عنهم ورضوا عنه كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة: 100].
وقد كانت الأخلاق العالية منثورة في الأنبياء والرسل، ثم جمعها الله في خاتم رسله سيد الأنبياء محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، ثم فرقها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصاب منها القرن الأول أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسنها وأعظمها، وأشرفها وأكملها.
فقد كانت في الصحابة رضي الله عنهم صفات عجيبة من الإيمان والعلم .. والحياء والحلم .. والإحسان والإيثار .. والطاعة لله ورسوله .. وأحسن الأخلاق والآداب .. والحب في الله .. وحسن العبادة .. والدعوة إلى الله .. والجهاد في سبيله ..
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أقْوَامٌ: تَسْبِقُ شَهَادَةُ أحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ» متفق عليه (?).
وكانت تلك الصفات منثورة فيهم .. وهم متفاوتون فيها .. فمستقل ومستكثر، لكنهم مشتركون في الإيمان، والعلم، والعبادة، والدعوة، والجهاد في سبيل الله.
وقد جمع الله فيهم صفات الأنبياء، وهم خير القرون:
فكلهم كانوا مؤمنين حقاً بالله ورسوله، وبما جاء عن الله ورسوله.