من هذا العالم.
ولكن بهذين النورين لا نستطيع أن نميز بين الكفر والإيمان، والطاعات والمعاصي، فالإيمان والأعمال والصفات كالتقوى والتوكل، لا تظهر بهذين النورين.
فجعل الله لمعرفة ذلك نورين آخرين هما:
نور أنزله الله من السماء وهو القرآن الكريم هدى ونور.
والنور الآخر أمرنا الله أن نجتهد حتى يأتي في قلوبنا وهو نور الإيمان، ومن ليس عنده نور الإيمان لا يستفيد من نور القرآن.
ولمعرفة الحق، والاستفادة منه، والعمل به، والدعوة إليه، لا بد من النور الخارجي وهو القرآن، والنور الداخلي وهو الإيمان، ومحله القلب، وباجتماع هذين النورين تحصل الهداية: {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)} [النور: 35].
والإيمان بالله يأتي في حياتنا بمعرفة أسماء الله وصفاته وأفعاله، ويأتي بطريق الدعوة والمجاهدة كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت: 69].
فالدعوة تزيد الهدى، والهدى يزيد الإيمان، والإيمان يحرك الجوارح للأعمال الصالحة، والأعمال الصالحة توجه العبد إلى الصفات الحميدة من التقوى والإيثار، وحب الله ورسوله، وحسن الخلق، وبذلك يرضى الله سبحانه، ويدخل أهل الإيمان الجنة.
وخزائن الغني الكريم مملوءة بالأرزاق والنعم، وأغلى شيء في خزائن الله هو الإيمان، وللحصول عليه لا بد من الجهد كما اجتهد الصحابة رضي الله عنهم.
فقد اجتهدوا أولاً على تحصيل الإيمان ببذل كل شيء من أجله، وترك كل شيء من أجله، فلما بذلوا وتركوا أعطاهم الله الإيمان والرضوان.
ثم اجتهدوا على حفظ الإيمان، بلزوم حلق الذكر، وبيئات الإيمان، والقيام